التهليل و أسرار حركات الجوارح في الصلاة
التهليل العملي وأسرار حركات الجوارح عند المصلي، من المسائل المهمة، و هي خاصة بالصلاة في الإسلام. و تُدلِّلُ على أن تشريع الأعمال الواجبة في الصلاة خارجة عن حدود الفكر البشري، و هي بالتأكيد من جملة واردات الوحي على الروح و القلب المطهر لشخصية رسول الإسلام المميزة حضرة محمد المصطفى صلى الله عليه و سلم، و هي عطية إلهية لهداية البشر و كمال البشرية.
في صلاة الإسلام، لا يغفل المصلي عن التزكية و التنزيه و نفي النفس و التوحيد الحقيقي، حتى في مقدماتها و ما يقارنها.
و في صلاة المؤمن، يهدف ما يقوم به لسانه و جوارحه من تكبير و استهلال و صلاة إلى حقيقة واحدة، و هي ذكر الكلمة الطيبة، و هي "لا إله إلا الله"، و من هنا قال عليه السلام: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا".
و قولوا هنا في صيغة الجمع، و تعني أنه ينبغي أن يقال بجمع الهمة، أي بتجريد القلب عن غلبات الدهر و الهوى، و كل القوى، من أحوال باطنية و قول باللسان و فعل بالجوارح.
الأعمال الواجبة في حركات الجوارح في الصلاة، بعد النية و تكبيرة الإحرام، خمسة، و هي: القيام، و الركوع، و القيام المتصل بالركوع، و السجود و التشهد.
و هذه الآداب ليست على الإطلاق من قبيل العادة حتى يفسرها تفسيرات بسيطة. و لكنها أعمال نزلت من العرش الأعلى، و تؤيد صدق المصلي و خلوصه في الصلاة. في النية و تكبيرة الإحرام و القيام، تقوم الجوارح المختلفة بالتعبير عن الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله".
بنية الانسان من غلاف الحجاب الحاجز قسمان :
قسم نحو الأرض، و هو القائم بكل الأعمال الطبيعية، و يمثل (لا إله إلا)
قسم إلى الأعلى، أي نحو السماء، و هو القلب و الصدر و اليدان و الرأس و العنق. عندما تقوم بتكبيرة الإحرام، تعطي في الشكل كلمة (الله). و ما قيل من أن كعبي القدم ينبغي أن يكونا منفصلين عند القيام، معناه قيام الحق من حيث الظاهر و الباطن، أي أنه الأول و الآخر و الظاهر و الباطن، و قدما المصلي إحداهما على المُلكِ و الأخرى على الملكوت، ول ما كانت الموجودات هي مظاهر الوجود، و الكثرات مظهرٌ من الوجود الحقيقي و الوجود المطلق، فهذا هو معنى ( لا إله )، و تفصيلها فيما يلي : |
القيام :
أول عمل للجوارح في الصلاة هو القيام، و هو إشارة إلى عبادة الواحد، و صورته مثل حرف الألف ( ا )، و حقيقته التوحيد الصرف، و بيِّناتُه ولاية حضرته تعالى شأنه في الوجود. |
الركوع :
الركوع هو تعظيم الحق، و حالة المصلي في الخشية الكاملة، و صورته في حرف ( لا )، و هي نفي المصلي المطلق أمام ذات واجب الوجود. |
القيام بعد الركوع :
القيام بعد الركوع على صورة الألف المكتوبة، و هو قبل السجود. |
السجود :
مفهومه الفناء الكلي للعارف الذي أسلم كلَّ أعضائه إلى التراب و وجد الاتصال الكلي، فهو توارد الإمداد من حضرة الكريم، و اتصال الاعتصام و شهود الحق منفردا. و اتصال الشهود سجود الحجاب بالكلية، و اتصال الوجود بالانتهاء إلى حضرة الجمع، و يتم بعد الانفصال عما سوى الحق، و هو سقوط رؤية الاتصال و الانفصال، و أن يفنى عن نفسه و يبقى بالحق. |
و الفناء هو الزوال، و فناء الشهوات زوال الأوصاف الذميمة، و فناء الراغب زوال الشهوات عن الجوارح و القلب، و فناء المحقق بالحق لاشتغاله بالحق عن الخلق.
و قيل أول مراتب الفناء، زوال رؤية العبد لفعله، ثم زوال رؤيته لذاته، ثم زوال تقيُّد الحكم لشيء في التجليات الظاهرية و الباطنية، و فناء الفناء زوال الشعور و الفناء، و قد يراد به البقاء بعد الفناء.
و البقاء هو رؤيةُ العبد قيامَ اللهِ تعالى على كل شيء، و هو مقام أرباب التمكن، و عنده لا يبقى عليه رسم و لا اسم و لا عبارة و لا إشارة، يبقى من لم يزل، و يفنى من لم يكن، و هو مرتبة من يسمع بالحق و يبصر به، و سجد بروحه الطاهرة لتحصيل كمال القرب،
مصداقا لقوله تعالى: "و اسجد و اقترب". فصورة الجوارح في السجود تكون على شكل ( لله ) معكوسة، بالقيام بعد الركوع تكون على شكل كلمة ( الله )، كما مر ذكره.
التشهّد :
و أيضاً التشهد الذي هو على صورة (له)، هو حمد و ثناء خاص لله، و شهادة بوحدانيته و معرفته و رسوله، و سلام على جميع المؤمنين، و على المصلي نفسه في عين الخلوص، و التوحيد هو هدفها. |
و من ثَمَّ، فإن الحالات الظاهرية للجوارح في الصلاة بوجوهها المختلفة تساوي كلمة الشهادة "لا إله إلا الله".
الحالات الخمسة للمصلي أثناء الصلاة
و هناك دقائق أخرى تشاهد في أعمال الجوارح على النحو التالي : "هو الله" تكبير
في حالة القيام و التكبير يكون بدن المصلي في صورة ( هـ ) و ( لله ) متصلة بألف مكتوبة، و هي الله في المجموع. و الهاء بحساب الحروف خمسة، و الألف الملحقة بالهاء عند نطقها تعطي مجموعاً العدد ستة، إشارة إلى خلق العالم في ستة أيام. و لما كانت صورة الهاء المفردة ( هـ ) تتصل بالركوع، و الركوع على صورة الواو المكتوبة ( و )، تصير كلها ( هو )، و القيام بعد الركوع ألف مكتوبة ( ا )، و بجمعها إلى السجود تصير (الله)، فكأننا بحركات الجوارح في كل ركعة نقول ( هو الله ).
_____________________________
المراجع :
1. Molana Shah Maghsoud Sadegh Angha, Al-Salat, The Reality of Prayer in Islam (Riverside, CA: M.T.O. Shahmaghsoudi Publications®. pp. 78-85
2. Molana Shah Maghsoud Sadegh Angha, Al-Salat, The Reality of Prayer in Islam (Riverside, CA: M.T.O. Shahmaghsoudi Publications®. pp.27-28